اثر الاحتباس الحراري على الامطار

مع تزايد تأثيرات الاحتباس الحراري، فإنه من المتوقع أن يؤثر ذلك على كثافة هطول الأمطار وشدتها، ولكن معدل الهطول لها، وخصوصا في المناطق المدارية لم تتضح معالمه بعد، واليوم وبحسب دراسة أعدها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا التي أعطت تقديرات تستند للملاحظات، والمحاكاة النموذجية من المتوقع أنه مع كل ارتفاع يساوي درجة حرارة مئوية، فإن المناطق المدارية ستشهد 10 % موسما مطريا أكثر كثافة، مع احتمالية لتكون الفيضانات في المناطق المكتظة بالسكان.




وتتضمن الدراسة أن البلدان المزدحمة سكانيا هي الأكثر تضررا وتأثرا بالتغير المناخي، بحسب البروفيسور في علوم الغلاف الجوي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بول أوغورمان، لافتا إلى أن أثر التغييرات في الأمطار سيكون مهما في تلك المناطق.

ووجد أوغورمان وبالمقارنة مع المناطق الأخرى في العالم، أن معدل الهطول المطري وكثافته في المناطق المدارية، يستجيب للتغيرات المناخية أكثر من غيره في مناطق أخرى، حيث يبدو أنه أكثر حساسية للاحتباس الحراري، ولكن لم يتضح سبب هذه الحساسية وارتفاعها، علما أن نتائج هذه الدراسة ستنشر خلال أسبوع على الإنترنت في مجلة Nature Geoscience.

وأثر الاحتباس الحراري على الهطول المطري ليس مفهوما بالمقارنة مع نسبة الكربون في الغلاف الجوي، وتواجد الغازات الأخرى وارتفاع درجات الحرارة، هذا كله يؤدي إلى زيادة كمية البخار في الغلاف الجوي. فحين تتطور العاصفة ترتفع نسبة الرطوبة، ما يبشر بمطر أكثر كثافة، وهذا الأمر يزداد من خلال التغير المناخي.

وقام العلماء بتطوير نماذج محاكية لمناخ الأرض التي يمكن استخدامها للمساعدة في فهم أثر الاحتباس الحراري العالمي على الهطول المطري حول العالم.

ويبين اوغورمان أن النماذج الحالية تقوم بعمل جيد لمحاكاة الأمطار خارج المناطق المدارية في الولايات المتحدة وأوروبا، وفي هذه المناطق توافق النموذج مع معدل تكيف الأمطار وتكاثفها والغزارة التي ارتبطت مع الاحتباس الحراري.

ومع ذلك حين يتعلق الأمر بهطول المطر في المناطق المدارية، فإن هذه النماذج بحسب اوغورمان لا تتفق مع بعضها، والسبب يعود إلى أن محاكاة النماذج المناخية، فيما يتعلق بالطقس تقسم العالم إلى شبكة، ومع كل مربع على الشبكة التي تمثل رقعة واسعة من المحيطات والأراضي، وبهذا فإن نظم الطقس الكبيرة التي تمتد لمساحات متعددة مثل؛ أوروبا والولايات المتحدة الأميركية في فصل الشتاء، تسهل عملية محاكاتها، وفي المقابل فإن تلك التي تكون أصغر حجما وأكثر عزلة من العواصف التي تحصل في المناطق المدارية وهذه يصعب تعقبها.

ولفهم تأثير الاحتباس الحراري بشكل أفضل، فيما يتعلق بهطول المطر في المناطق المدارية، دون اورغومان ملاحظات الأقمار الصناعية للهطول المطري الشديد بين خطي العرض 30 شمالا و30 درجة جنوبا فقط تحت وفوق خط الاستواء، وشملت هذه الدراسة ملاحظات تعود لعشرين عاما مضت سجلها القمر الصناعي، وقارنها لملاحظات مراقبة من 18 نموذجا مناخيا مختلفا أيضا منذ 20 عاما.

وبين أن هذه السنوات ليست بالطويلة، وقد لا تمنح اتجاها واضحا عن الهطول المطري الشديد، ولكنها تبرز الاختلاف من عام لآخر، حيث إن بعض الأعوام كانت أكثر دفئا من غيرها، ومن المعروف أن المطر فيها كان أكثر غزارة من غيره في تلك الأعوام.

ويرتبط هذا التغير والاختلاف من عام لآخر بظاهرة النينو؛ وهي ظاهرة المناخ الاستوائي التي تدفئ السطح من شرق المحيط الهادي، والنينو تسبب بتغيرات في أنماط الهطول المطري، وتحدث بشكل مستقل عن الاحتباس الحراري.

ومن خلال البحث في النماذج المناخية التي تحاكي آثار النينو والاحتباس الحراري، وجد اوغورمان أن نموذجا أبدى استجابة قوية مع الهطول المطري في النينو وأيضا استجاب بشدة مع الاحتباس الحراري، وأظهرت النتائج لهذا النموذج بحسبه ارتباطا بين الاستجابة المطرية الاستوائية المتطرفة وبين التغيرات في درجات الحرارة من عام لآخر، وبين التغير المناخي على المدى الطويل.

وقام اوغورمان بالنظر لملاحظات الأقمار الصناعية لمتابعة هطول الأمطار بفعل ظاهرة النينو خلال 20 عاما الماضية، ووجد أنها تتناسق مع النماذج من حيث شدة الهطول التي وقعت في الأعوام الأكثر دفئا، وبناء عليه خرح بنتيجة مفادها أن كل ارتفاع يساوي درجة مئوية واحدة، وفي ظل الاحتباس الحراري يجعل كثافة الهطول المطري ترتفع بنسبة 10 % في الأجزاء غير المدارية في العالم.

وبينت نتائج الدراسة وجود حساسية عالية فيما يتعلق بالأمطار الاستوائية والتي تؤثر في عمليات التخطيط، إلا أن نتائجها تتماشى مع فهم ظاهرة الاحتباس الحراري، بحسب البروفيسور المشارك في الدراسة من جامعة ريدينغ في انجلترا د. ريتشارد آلن، مبينا أن هذا يضيف مزيدا من بخار الماء في الغلاف الجوي ويغذي أنظمة العواصف لتصبح أكثر كثافة.

تعليقات