معلومات حول الإعصار المداري" ساندي"

ضرب الإعصار المداري ساندي شرق أمريكا الشمالية وتحديدا الولايات الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية وصولا إلي الأجزاء الشرقية من كندا وهي مناطق عصب الحياة في أمريكا الشمالية الإقتصادية والسياسية والإجتماعية ,,, هي أرض الحلم الأمريكي .( The land of American Dream ). وقد كان مرور إعصار ساندي أكبر كارثة من هذا النوع تتعرض لها مثل هذه المناطق في العروض الوسطي والشمالية منذ زمن بعيد في الذاكرة والتاريخ .. لأن مثل هذه الأعاصير من خصائص المناطق المدارية وشبه المدارية ,,ولا تحدث في المناطق المعتدلة الشمالية إلا نادرا ,, وأنا أذكر أنه في عام 1989م. أن ضرب إعصار مداري مدينة أمستردام الهولندية في فصل الخريف أيضا ,, وقد إعتبره المناخيون حينها من أندر الوقائع في هذه الدولة الواقعة علي حافة الدائرة القطبية الشمالية ...والأعاصير المدارية عندما تحدث يصحبها دائما الخراب والدمار ؛ حسب حجم الإعصار ,, وتسمية إعصارCyclone ) ) هي الإسم العلم للمنخفض الجوي , وهي تطلق علي حالة عدم الإستقرار في الأحوال المناخية بتداخل كتلة هواء صاعد مع كتلة أخري لهواء هابط ... ويسمي إعصارا إذا حدث علي البر ,, لكنه لو حدث علي المسطحات المائية فهو يسمي ( تايفون Typhoon ) أو ( هيريكين Hurricane ) وهو الأشهر إضافة لتسميات محلية أخري حسب مناطق العالم التي يمكن أن يحدث بها .. والحالة هي تقابل كتلتين هوائيتين مختلفتين في خصائصهما ( الجفاف والرطوبة والحرارة وسرعة الرياح ونحوها ).. ويكون عنف الحالة بناء علي الفارق بين خصائص الكتلتين فإن كان كبيرا كان الإعصار عنيفا والعكس صحيح .... أشهر مناطق حدوث الهركين ( العواصف البحرية ) هي منطقة المحيط الأطلسي خصوصا منطقة البحر الكاريبي , (منطقة جزر كوبا وهاييتي ) . والأعاصير عادة لا تتولد هنا , بل أن بداياتها تكون غالبا فوق القارة الأفريقية ؛ وتحديدا حول خط الإستواء . فهنا تلتقي كتل الهواء المعروفة بالشرقيات المدارية , وهي المعروفة بالرياح التجارية , الشمالية الشرقية والتجارية الجنوبية الشرقية .. وهي رياح في الأصل جافة لأنها تهب من مناطق شمالية بإتجاه الجنوب في النصف الشمالي ,, وجنوبية تهب نحو الشمال في نصف الكرة الجنوبي ,, وتتقابلان عند خط الإستواء وتصعدان سويا إلي طبقات الجو العليا حاملة معها كميات الرطوبة التي إلتقطتها عند صعودها , ومن ثم تهطل منها كميات متفاوتتة من الأمطار في جميع الأمكنة حول خط الإستواء ,,, وهذه هي التي يصطلح عليها بالأمطار الإستوائية من مثل تلك التي تهطل في اندنوسيا وجنوب ماليزيا وحوض الكونغو في أفريقيا علي سبيل المثال .. لكن في بعض الأحيان فإن بعض هذه الكتل في غرب القارة الأفريقية تتمكن من الإنتقال من القارة (اليابس ) وتنزل إلي المحيط الأطلسي وتبدا خصائصها الحيوية بالتغير الجذري ,,, وبناء علي الفصل من السنة ( الربيع أو الخريف ) فإن إحدي الكتلتين ( الشرقيات ) تكتسب خصائص تزيدها قوة كون الشمس تتعامد علي النصف الجنوبي , أو الشمالي ,؛ ففي فصل الخريف الشمالي يبدأ تعامد الشمس جنوب خط الإستواء وهذا يعطي للكتلة الجنوبية ( التجارية الجنوبية الشرقية ) ميزة جديدة بتزحزحها نحو الشمال من خط الإستواء وهذا يجبرها علي تغيير إتجاهها ؛ تبعا لحركة الأرض( من الغرب إلي الشرق ) وكل ما يتحرك عليها ( فكل شيئ يتحرك بإتجاه الشمال في نصف الكرة الشمالي لابدّ أن يكون إتجاهه جنوبيا غربيا ؛؛ هذا قانون من الفيزياء يا سادة ) .. وعليه فإن التجارية الجنوبية الشرقية وبعد تجاوزها خط طول جزر الكناري ( الخالدات , في غرب المغرب العربي والبرتغال , وهي تتبع البرتغال ) , تجد الكتلة الشرقية فرصة للتحرك شمالا ضمن نطاقات الكتلة الشمالية الشرقية .. وهنا تحدث أهم التغيرات في الخصائص ,, ففي الوقت الذي تبقي فيه الشمالية الشرقية رياح هابطة وجافة فإن الجنوبية تصبح جنوبية غربية وتتحول إلي كتلة صاعدة ورطبة ..وهنا يبدا الصراع الحقيقي حيث تبدأ الكتلتان بالدوران حول بعضهما ويتشكل مركز لدوران الكتلتين حول بعضهما ’ سيشكل فيما بعد عين الإعصار ,, وعليه يكون إمتداد المحيط الأطلسي من إفريقيا إلي الأمريكتين ميدانا للصراع بينهما وتقوي كل منهما في خصائصه ,, فالجنوبية تزداد فيها الرطوبة بتقدمها النسبي نحو الشمال والشمالية تزداد جفافا بتراجعها النسبي نحو الشمال ( كل ذلك في حدود بضعة كيلومترات لا تصل إلي عشرة كيلومترات ؟؟) وتصبح هنا جبهة حقيقة للصراع .. وكلما تقدمت الجبهة غربا نحو البحر الكاريبي تزداد عنفا وقوة ويكبر حجم الدوامة ويتعمق المركز ( عين الإعصار ) ويصبح أعنف جزء فيه . وهنا قد تصل سرعة الريح ÷لي 300 كلم في الساعة ,, وتقل تدريجيا كلما اتجهنا نحو الأطراف خارج العين .. لكنها لاتزال عنيفة (( في حال ساندي الذي ضرب نيويورك كان السرعة + 170 كلم. ..في العادة ينتهي المسير بأعاصير الأطلسي في مكان ما في خليج الخنازير ( خليج المكسيك),, والبحر الكاريبي ؛ فيضرب في كوبا وهاييتي ,, وقد يصل إلي البر الأمريكي ,,وهذا ما حصل مع إعصار كاترينا الذي ضرب في نيو أورلينز ,,, أما ساندي SANDI فقد كانت القصة معه مختلفة,, فإنه ومع تقدمه في الأطلسي منعته كتلة عملاقة من الرياح الشمالية الشرقية من التقدم نحو خليج المكسيك ,, كما أن منخفضا جويا في شمال الأطلسي صار مركز جذب له ,, لذلك إنحرف واتجه شمالا بصورة غير مسبوقة ,,وكان من الممكن أن ينتهي في شمال أوروبا ( هولندا والدول الإسكندنافية مثلا ) ولكن لحكمة من الله تواجدت كتلة هوائية عملاقة من الهواء القطبي شديد البرودة متمركزا شما الأطلسي ومركزه في جزيرة آيسلندا ,, مما أجبره للإنحراف غربا بإتجاه سواحل أمريكا الشمالية .. ومما زاد الطين بلّة هو تقدم كتلة هوائية قطبية من شمال غرب كندا نحو جنوب الشرقي مما بطّأ من تقدمه ,, قلل سرعته , مما جعل قوته التدميرية في كل منطقة مر بها عظيمة جدا ( كلما طالت فترة المرور كلما عمل الإعصار تدميرا أكثر) .. ويجدر بنا أن نشير إلي أن ظاهرة الأعاصير من أفريقيا بإتجاه الأمريكيتين مألوفة تماما ,, لكن ليس جميعها يتحول إلي هيريكين عاصف مدمر ,, بل إن المتخصصين يجدون دائما عوامل وقتية تترافق مع كل حالة تصبح إعصارا مدمرا ... (وما يعلم جنود ربك إلا هو ,, وما هي إلا ذكري للبشر..) المدثر 31
يبقي الجانب العاطفي والمبررات البشرية ,, فقد كان هناك ألم كبير بين الناس الذين مرو بالمأساة ... وتكلف الإقتصاد الأمريكي اكثر من 20 مليار دولار من الخراب والدمار ,, أحرقت بيوت وقتل عدد من السكان ,و وتشرد الملايين ,,و وكان حجم المأساة أكبر مما أحدثته عمليات 9\11 ؟؟ وقد طهرت مبررات وتفسيرات لهذا الغضب الإلهي علي أمريكا ,,وهذا العذاب الموجه إليها ,, وأنه بسبب أحوال كثيرة تسود هذه البلاد وما حدث فيها من تعرض لذات الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم ,, ونحن يجب أن لا نناقش كون هذه كانت صنفا من العذاب ,, لأن هذه ريح صرصر عاتية ,, ولم ترد في القرآن إلا لتصور صورة من عذاب الله ( ريح صرصر عاتية الحاقة ))
وإعصار ساندي لم يكن سوي ساعات ,, وأحدث كل هذا الدمار .. فكيف لو طال مكثه ؟؟ نسأل الله السلامة.. آمين يارب العالمين.

حسن بن علي خياط ’’ أستاذ الجغرافيا الطبيعية , جامعة أم القري
تعليقات