دور الجغرافية في حماية البيئة

علم الجغرافية الحديث يمتلك مقدرة علمية كبيرة تعطي له دوراً عظيماً لا يقل بأي شكل من الأشكال عن العلوم الأخرى كالفيزياء والكيمياء والأحياء وفي التطور العلمي لخلق طبيعة مثالية لحياة الأنسان ويعتقد باراسوف أن كل مختص في حماية الثروة الطبيعية يجب أن يكون ملماً إلماماً تاماً بالعلوم الجغرافية وإذا كانت مشكلة حماية الطبيعة مرتبطة كلياً بمعرفة العلاقة بين الأنسان والطبيعة فإن دراسة هذه العلاقة تقع أساساً على عاتق الجغرافيين الذين يتعاملون مع هذه المسألة بنظرة شمولية تتفهم دور جميع العناصر في البيئة فالجغرافية يمكنها المساهمة بشكل واضح في عمليات التخطيط الحضري البيئي أو الريفي الصناعي أو الزراعي بما يسهم في خلق بيئة صحية نظيفة توفر للإنسان عناصر الراحة والسلامة من النواحي الصحية والنفسية والاجتماعية وغيرها وتولي الجغرافية أهمية خاصة لدراسة التغير الذي يتعرض له النظام الجغرافي وشدة وسرعة ومقياس هذا التغير ودراسة عواقب التأثير البشري المصطنع ومعرفة مصادر الملوثات ونوعيتها وتركيبها وانتقالها خاصة ان العلاقة بين الأنسان والبيئة هي علاقة قديمة جداً وهذه العلاقة كانت دائماً في مركز اهتمام علم الجغرافية ولكن هذه العلاقة تعرضت للكثير من التغير عبر الزمن ونتائج ذلك وأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر على الطبيعة وعلى مختلف جوانب الحياة المعاصرة ( الاجتماعية والمادية والروحية ) ومن مظاهر هذه المشكلة : 1 – زيادة استنزاف الموارد الطبيعية خاصة تلك الموارد غير المتجددة أو المتجددة ببطء شديد 2 – تلوث مختلف عناصر البيئة كالهواء والمياه العذبة والمالحة وتلوث واستنزاف التربة والتلوث الضوضائي والإشعاعي والكهرومغناطيسي 3- الانفجار الديموغرافي والجوع وسوء التغذية للعدد الاكبر من سكان العالم وغير ذلك من المظاهر – والجغرافية تساعد في تقديم الحلول المناسبة للكثير من المشكلات البيئية المعاصرة خاصة تلك المشكلات التي يتعرض لها الغلاف الجغرافي لأن تلك المشكلات لا يمكن حلها إلا من خلال العلاقات المتبادلة المباشرة وغير المباشرة بين مختلف عناصر الغلاف الجغرافي وأخذها بالحسبان كما أن الدراسات الجغرافي تشير إلى التغيرات المحتملة التي قد تتعرض لها الانظمة البيئية والعمل من أجل إدارة هذه التغيرات والتخفيف من أثارها السلبية والجغرافي يستطيع عن طريق استخدام المعطيات المختلفة المتوفرة تطوير أساليب علمية للتنبؤ بالكوارث والمشكلات التي قد تتعرض لها البيئة ومدى أنتشارها وتوزعها والعواقب الناتجة عن ذلك واقتراح الحلول المناسبة للحد من هذه المشكلات وأخطارها ومن المهم في إطار الإشارة إلى الدور الذي تلعبه الجغرافية في إيجاد الحلول لهذه المشكلات البيئية التأكيد على أن هذه الدراسات يجب أن تأخذ طابع التسلسل الجغرافي الهرمي بدءاً من المنطقة أو الأقليم فالدولة ثم القارة وأخيراً العالم وهذه الدراسات تندرج في إطار عمليات التنظيم المكاني الذي يعد من أهم وظائف الجغرافية المعاصرة وبما أن الجغرافية في جوهرها هي علم يدرس المكان والأنسان الذي يعيش في هذا المكان ( كما يرى الكثير من الجغرافيين مثل هكسلي – باروز – أكرمان وغيرهم ) وهذا يعني بشكل أو بأخر أن الجغرافية تهتم بدراسة الموارد الطبيعية والموارد البشرية ( الأنسان والمجتمع البشري ) وتساعد الجغرافية في حماية الكثير من الموارد الطبيعية باعتبارها علماً شمولياً متكاملاً تمتلك ضمن فروعها المختلفة قاعدة من المعلومات والبيانات الهامة عن الموارد الطبيعية والبشرية الموجودة في البيئة ودور الجغرافية واضح في دراسة العلاقات بين هذه الموارد ودراسة احتياطها وخصائصها وتوزعها وسبل حمايتها والمحافظة عليها وترشيد استغلالها ومن الموارد الطبيعية التي تهتم الجغرافية بدراستها والعمل على حمايتها نذكر خامات المياه والتربة والهواء ودراسة خصائصها والتغيرات التي تتعرض لها وارتباطها المتبادلة بكافة عناصر الغلاف الجغرافي ( الجيوسفير Geosphere ) وتستطيع الجغرافية القيام بدور طليعي في شرح وتوضيح مخاطر الحروب والنزاعات المسلحة أياً كان أسبابها والتي تؤدي إلى وقوع خسائر كبيرة مادية وبشرية وبيئية بشكل عام تؤدي إلى دمار البيئة ودمار الأنسان وإلى جانب دور الجغرافية في دراسة المشكلات البيئية المذكورة أنفاً فأنها تستطيع عبر فروعها المختلفة ( جغرافية الجريمة – جغرافية الجوع – الجغرافية الطبية وغيرها ) المساهمة في دراسة الكثير من المشكلات البيئية الاخرى وإقتراح الحلول المناسبة لها ومنها مثلاً إظهار العلاقة والتأثير المتبادل بين الظروف الجغرافية البيئية من جهة وبين حدوث الجريمة من جهة أخرى ومثل هذه الدراسات تساعد في إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلات.
Ilyass Rifi
تعليقات